امثلة عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في استخدامه التخطيط في حياته


Total Views: 13070

المثال الأول هو:

خطَّته في التخفي من العدو، والقدرة في التغلب في كل المصاعب، والوصول إلى الهدف الذي أنت له طالب، حيث لا يحتاج هذا إلا لعقلٍ ورأيٍ صحيح وصائب، ولعل خطة الرسول  محمد صلّ الله عليه وسلم في الإيحاء والتمويه والمراوغة عل ى الحد سواء عند تخطيطه لهجرته إلى مكة المكرمة دليل على ذلك.

 
1- وإنَّ كلَّ هذه الصفات، اجتمعت في أعظم هجرة عرفها التاريخ، هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث كان مُخَطَّطه عليه الصلاة والسلام، غايةً في الإحكام، فلم يصلوا إليه بإذن الله تعالى. ولكنني لا أريد التحدث، حول تخطيطه في هجرته المباركة، رغم الدروس العظيمة المستفادة منها، كالإيحاء والتمويه والمراوغة …… الخ، مما يكفي للاستدلال بها على حُسن تخطيطه صلى الله عليه وسلم، ولكنني أريد أن أضرب أمثلة أخرى، تبين لك مدى نجاح النبي صلى الله عليه وسلم وتفوقه في هذا المجال.
 
    2- فلو تأملنا في الفترة السابقة لفتح مكة، حيث صمتت الأفواه وحبست الأنفس، وكأن القلوب باتت لا تنبض، فكانت هناك أعجب عملية تعتيم إعلامي عرفها التاريخ، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل في المجالس عن هوازن وطبيعة أرضها وتعداد رجالها وبُعد مسافتها وكيفية الوصول إليها، ليظنَّ الظان بأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو هوازن. وفي الأيام القليلة السابقة لخروج الجيش من المدينة تلقاء مكَّة، أمر عليه الصـلاة والسلام بمنع خروج أي إنسان من المدينة، وفَرَضَ عليها الحراسة المشدَّدَة، فكـان الذي يدخل إليها لا يستطيع مغادرتها، بأوامر مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لا تتسرب الأخبار إلى مكة، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : (اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها)، ثُمَّ خرج عليه الصلاة والسلام من مكة، سالكاً طريق هوازن، حتى إن كان هناك أعين للعدو، ظنوا بأن محمدا عليه السلام  يقصدٌ هوازن بالفعل، وعند مكان معين في الطريق، انحرف النبي إلى مكة، فوصل إلى أطرافها وبدون علم أهلها ، وكانت المفاجئة القاسية لقريش، وكان الفتح العظيم.
 
     ولم يقف التخطيط النبوي عند هذا الحد فحسب، بل كان هناك أنواع أخرى من التخطيط، حيث يرشدنا النبي  إلى التخطيط للمستقبل، حتى ترفرف الرفاهية على الأجيال المقبلة، وأن يعيش أولادنا وأحفادنا برغدٍ ولو بسيط، كي لا يكون عالةً على الناس، ويسألون الناس غير الذي لهم. ومن تلك الأحاديث، ذلك الحوار التخطيطي الذي دار بين سعد بن أبي وقاص والنبي، حيث جاء في الحديث أن سعد بن أبي وقاص قال لرسول الله بأنه يريد أن يتصدق فقالللنبي صلى الله عليه وسلم: (أأتصدق بثلثي مالي ؟ فقال النبي لا، قلت فبالنصف ؟ فقال صلى الله عليه وسلم لا ، قلت فبالثلث ؟ فقال النبي نعم والثلث كثير ، فإنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) . فكان هذا توجيهاً من النبي القائد ، إلى سعد بن أبي وقاص ، وإلى كل الأمة من بعده، بأن يحسنوا استخدام وادخار وتوزيع أموالهم، وأن يقوموا باقتطاع مبلغ منه للورثة ، كي يستعينوا فيه على نوائب الدهر، فلا يفقرون ومن ثم يتسولون على الناس، بل يجب أن يكون حالهم كحال الناس العفيفين المتعففين. 

 


More EPortfolios By مريم سفربن سعيد سرهيد الاحمري


0Comments

Users must be logged in to comment.