الخوارزمي


Total Views: 3445

الخوارزمي

 

أبو عبد الله مُحمّد بن مُوسى الخوارَزمي عالم مسلم لمَع في علم الرِّياضيّات والفلك ، ولد سنة 164 ، وتوفي سنة 235 هِجْرية ( المُوافِق 780-850 ميلاديَّة ) . يكنى باسم الخوارزمي يعتبر من أوائل علماء الرياضيات المسلمين حيث ساهمت أعماله بدور كبير في تقدم الرياضيات في عصره.اتصل بالخليفة العباسي المأمون وعمل في بيت الحكمة في بغداد وكسب ثقة الخليفة إذ ولاه المأمون بيت الحكمة كما عهد إليه برسم خارطة للأرض عمل فيها أكثر من 70 جغرافيا، وقبل وفاته في 850 م/232 هـ كان الخوارزمي قد ترك العديد من المؤلفات في علوم الفلك والجغرافيا ومن أهمها كتاب الجبر والمقابلة الذي يعد أهم كتبه وقد ترجم الكتاب إلى اللغة اللاتينية في سنة 1135م وقد دخلت على إثر ذلك كلمات مثل الجبر Algebra والصفر Zero إلى اللغات اللاتينية.

كما ضمت مؤلفات الخوارزمي كتاب الجمع والتفريق في الحساب الهندي، وكتاب رسم الربع المعمور، وكتاب تقويم البلدان، وكتاب العمل بالأسطرلاب، وكتاب "صورة الأرض " الذي اعتمد فيه على كتاب المجسطي لبطليموس مع إضافات وشروح وتعليقات، وأعاد كتابة كتاب الفلك الهندي المعروف باسم "السند هند الكبير" الذي ترجم إلى اللغة العربية زمن الخليفة المنصور فأعاد الخوارزمي كتابته وأضاف إليه وسمي كتابه "السند هند الصغير".

وقد عرض في كتابه (حساب الجبر والمقابلة) أو (الجبر) أول حل منهجي للمعادلات الخطية والتربيعية. ويعتبر مؤسس علم الجبر، (اللقب الذي يتقاسمه مع ديوفانتوس) في القرن الثاني عشر، ولقد قدمت ترجمات اللاتينية عن حسابه على الأرقام الهندية، النظام العشري إلى العالم الغربي. نقح الخوارزمي كتاب الجغرافيا لكلاوديوس بطليموس وكتب في علم الفلك والتنجيم.

 

 

كان لإسهاماته تأثير كبير على اللغة. "فالجبر"، هو أحد من اثنين من العمليات التي استخدمهم في حل المعادلات التربيعية. وفي اللغة الإنجليزية كلمة Algorism و algorithm تنبعان من Algoritmi، الشكل اللاتيني لاسمه. واسمه هو أصل الكلمة في اللغة الإسبانية guarismo[6] والبرتغالية algarismo وهما الاثنان بمعنى "رقم".

 

طوَّر الخوَارَزمي عِلْم الجبر كعلم مُستقِلّ عن الحساب ، ولذا يُنْسَب إليه هذا العلم في جميع أنحاء المَعْمورة .

والجدير بالذِّكر أن الجزيرة العربيّة كانت مَرْكَز النشاط العلمي بين القرنين الثاني والسابع الهجريَّينِ ( الثامن إلى الثالث عشر الميلادي) ، وكانت عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد لها تأثير كبير في الحركة العلمية في العالم .

وابتكر الخَوَارَزمي في بيت الحِكْمة الفكر الرياضي بإيجاد نِظام لتحليل كل مُعادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطُرق جَبْرية وهندسيَّة .

ولذا مَيّز " جورج سارتون " النِّصف الأوّل من القرن التاسع الميلادي بعصر الخَوَارَزمي في كتابه " مُقدِّمة من تاريخ العلوم " لأن الخوَارَزمي كان أعظم رِياضي في ذلك العَصْر كما يقول سارتون ، ويستطرد قائلا : " وإذا أخذنا جميع الحالات بعَيْن الاعتبار فإن الخوارَزمي أحد أعظم الرِّياضيِّين في كل العصور " ، وأكد الدكتور " أي وايدمان " أن أعمال الخوَارَزْمي تتميَّز بالأصالة والأهميَّة العُظْمى وفيها تظهر عَبْقريَّته ، وقال الدكتور " ديفيد بوجين سمث " ، و " لويس شارلز كاربينسكي " في كتابهما "الأعداد الهندية والعربية " : بأن الخَوَارَزمي هو الأستاذ الكبير في عصر بغداد الذهبي إذ إنه أحد الكُتّاب المُسلمِين الأوائل الذين جمعوا الرِّياضيَّات الكِلاسيكيَّة من الشرق والغرب ، مُحتفظِينَ بها حتى استفادت منها أوروبا المُتيقِّظة آنذاك ، إن لهذا الرجل معرفة كبيرة ويدين له العالم بمعرفتنا الحالية لعِلْمَي الجبر والحساب " .

في بداية الأمر ابتكر الخَوارَزمي عِلْم حِساب " اللُّوغاريتمات" وعمل لها جداول عرفت باسمه ، ثم تُرجم هذا الاسم ، ومر بعدة تغييرات حتى صار "لوغاريتم" . حيث ترجم اسمه " الخوارزمي " إلى اللاتينية كـ (alchwarizmi) و(al-karismi) و(algoritmi) و(algorismi) و(algorism) و(algorism) ، وفي عام 1857 ميلادية عثر على كتاب بعُنوان (algoritmi de numero indorum) في مكتبة جامعة كِمْبردج البريطانيّة ، فأجمع علماء الرياضيات في العالم بأن هذا الكتاب هو كتاب الخوَارَزمي في علم الحساب ، وقد تُرْجِم إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي .

وقد علَّق المؤلِّف محمد خان في كتابه " نظرة مُخْتصَرة لمآثِر المسلمينَ في العلوم والثقافة " : " أن الخَوَارَزمي يقف في الصفّ الأوّل من صفوف الرياضيِّينَ في جميع العُصور ، وكانت مُؤلَّفاته هي المصدر الرئيسي للمَعْرفة الرياضيَّة لعِدّة قُرون في الشرق والغرب " .

ولما كان المسلمون يحتاجون إلى علم الحساب والرياضيات لتوزيع الميراث والوصايا وغيرها ، وكانت طريقة الحساب المأخوذة عن اليونان تجعل عملية الحساب معقدة للغاية قاد ذلك الخوَارَزمي للبحث عن طُرق أدقّ وأشمل وأكثر قابليَّة للتكيُّف فابتدع علم الجِبْر ، وألف كتابه " الجَبْر والمُقابلة " في إيجاد حلول لمسائل عمليَّة واجهها المسلمون في حياتهم اليوميَّة .

وقد بيَّن الخَوارَزمي في مُقدِّمة كتابه " الجبر والمقابلة" أن الخليفة المأمون هو الذي طلب منه أن يُؤلِّف كتاب الجبر والمقابلة كي يسهل الانتفاع به في كل ما يحتاج إليه الناس .

وقد قال رحمه الله في مقدِّمة كتاب " الجبر والمقابلة " :

" ألَّفْتُ من كتاب الجبر والمقابلة كتابا مُخْتَصَرا ، حاصرا للطيف الحساب وجليله ، لِمَا يَلْزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم ، وفي مُقاسماتهم وأحكامهم وتجاراتهم ، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأراضي وكَرْي الأنهار والهندسة ، وغير ذلك من وجوهه وفنونه ، مُقدِّما لحُسْن النية فيه ، راجيا لأن يُنْزِله أهل الأدب بفضل ما استودعوا من نِعَم الله تبارك وتعالى وجليل آلائه وجميل بلائه عندهم منزلتَه ، وبالله توفيقي في هذا وغيره ، عليه توكَّلْتُ وهو رب العَرْش العظيم " انتهى .

وكان الأوروبيُّون يستعملون مُصْطلحا آخَر للجبر مثل "كوسيكا" (cossica) أو مُصْطلَح " قاعدة الشيء" (rules of the cosa) وفي بعض مُؤلَّفات إنجليزيّة قديمة استخدموا المُصطلَح (cossic art) وقد أدخل هذا المصطلح العالِم الرياضي المشهور " اكسلاندر " (xylander) في القرن الخامس عشر الميلادي وهذا المصطلح يعني شيئا في اللغة الإيطاليَّة . ويقول الدكتور ديفيد يوجين سمث في كتابه " تاريخ الرياضيَّات " المجلد الثاني " إن الجَبْر عُرِف في اللغة الإنجليزية في القرن السادس عشر الميلادي بالجبر والمقابلة ، ولكنَّ هذا الاسم اختُصِر في النِّهاية من مخطوطة محمَّد بن مُوسى الخوارَزمي الذي نال الشُّهْرة العظيمة عام 825 ميلاديَّة ، وذلك في بيت الحِكْمة في بَغْداد حيثُ ألَّف هناك كتابَه القَيِّم " الجَبْر والمقابلة " وفيه حل الكثير من المُعادلات ذات الدرجة الأولى والثانية من ذات المجهول الواحد . ولقد ترْجم من اللُّغة العربيَّة إلى اللاتينية بواسطة العالم الرياضي الأوروبي جرارد قرمونة (Gerard of cremona) بكلمة الجبر ، ولقد ضاع الأصل المَكْتوب باللغة العربيَّة لكتاب الخَوَارَزمي " الجبر والمقابلة " ولكن جيرارد قرمونة قد تَرْجَم النصّ الأصلي من اللغة العربيّة إلى اللغة اللاتينِيّة في القرن الثاني عشر الميلادي وعُرِفت بالاسم اللاتيني عند أوروبا ثم اختُصِر العنوان أخيرا إلى كلمة (algebra) . وهو الاسم المُعْترَف به في جميع لُغات العالَم في المعمورة " .

وظلّ كتاب الخَوَارَزمي في الجبر مَعْروفا في أُوروبا باللغة اللاتينيَّة إلى أن سَخَّر الله تبارك وتعالى الباحثِينَ الغربيِّين إلى العُثور على أحد نُصوص الكتاب باللُّغة العربيَّة في مَخْطوطة محفوظة في أكسفورد ( مكتبة بودلين) ، وصدرت نشرة عربيَّة بالحروف المطبعية عام 1831 ميلاديَّة .

واعترف المُؤلِّف المعروف رام لاندو في كتابه "مآثِر العرب في الحضارة " : " بأن الخَوَارَزمي ابتكر علم الجبر ونقل العدد من صفة البدائيَّة الحسابيَّة لكَمِّية محدودة إلى عُنْصر ذي عَلاقة وحدود " لا نهاية لها" من الاحتمالات . ويمكننا القول بأن الخُطْوة من الحساب إلى الجبر هي في جَوْهرها الخُطوة من الكَيْنونة إلى المُلائمة أو من العالم الإغريقي الساكن إلى العَالَم الإسلامي المُتحرِّك الأبدي الربَّاني " .

وقد ذكر المؤلِّف فاندز في كتابه " مصدر جبر الخَوارَزمي" : " أن جبر الخَوَارَزمي يُعْتَبر القاعدة وحَجَر الأساس لكل العلوم . ومن ناحية أخرى فإن الخَوَارزمي أحقّ من ديوفانتوس بأن يُلَقَّب بأبي الجبر؛ لأن الخَوَارَزمي هو أوَّل من درس الجبر في صورة بدائيَّة ، أمَّا ديوفانتوس فكان مُهْتما بصورة رئيسيَّة بنظريّة الأعداد كما أن الخوارزمي هو الذي أدخل الصفر إلى الأعداد لتكون الأعداد الطبيعية .

حياته

حسب بعض الروايات فقد انتقلت عائلته من مدينة خوارزم الفارسية في إقليم خراسان الإسلامي (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد في العراق. وأنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813 و833 في دار الحكمة، التي أسسها الخليفة المأمون. حيث أن المأمون عينه على رأس خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من الكتب التي كانت متوافرة في خزانة المأمون فدرس الرياضيات، والجغرافية، والفلك، والتاريخ، إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. ونشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. ويسميه الطبري في تاريخه: محمد بن موسى الخوارزمي القطربلّي، نسبة إلى قرية قُطْربُلّ من ضواحي بغداد. وبدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم). وتُجمع الموسوعات العلمية -كالموسوعة البريطانية (نسخة الطلاب) وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبيا وغيرها على أنه عربي، في حين تشير مراجع أخرى إلى كونه فارسي الأصل.

وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية تذكر أنه "عالِم مسلم" من دون تحديد قوميته.

وفي كتاب الفهرس لابن النديم نجد سيرة ذاتية قصيرة للخوارزمي، مع قائمة الكتب التي كتبها. ولقد قام الخوارزمي بإنجاز معظم أعماله في الفترة ما بين عامي 813 و 833. وبعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس، أصبحت بغداد مركز الدراسات العلمية والتجارية، وأتى إليها العديد من التجار والعلماء من مناطق بعيدة مثل الصين والهند، كما فعل الخوارزمي. وكان يعمل في بغداد، وهو باحث في بيت الحكمة الذي أنشأه الخليفة المأمون، حيث درس العلوم والرياضيات، والتي تضمنت ترجمة المخطوطات اليونانية والسنسكريتية العلمية.


More EPortfolios By سارة علي محمد عبدالله ال حوبه الشهري


0Comments

Users must be logged in to comment.